شيء بإذن الله يهْدِ الله قلْبَه للتسليم والرضا بقضاء الله، وهذا حسن، إلاَّ أنّ
العمومَ أحسن مضه.
(ما استَطَعْتم) :
(ما) ظرفية، وهذا ناسخ لقوله: (اتقوا اللهَ حَقَ تُقَاته) .
وروي أنه لما نزلت هذه الآية شقّ ذلك على الناس حتى نزل: (ما استطعتم) .
وقيل: لا نسخ بينهما، لأن (حق تقاته) معناه فيما استطعتم، إذ لا يمكن أن يفعل أحدٌ إلاَّ ما يستطيع.
فهذه الآية على هذا مُبَيِّنَة لتلك، وتحرَّز بالاستطاعة من الإكراه والنسيان، وما يؤاخذ به العبيد.
(مَنْ يُوقَ شحَّ نَفْسِه) : هو بخْلها وطمعها، فمن وقِيها
وُقِي شرَّ الدنيا والآخرة.
وقيل: إنها نزلت في الطلاق.
ومعناها من يتَّقِ الله فليطلق طلقة واحدة حسبما تقتضيه السنَّة.
(يجعل له مَخْرَجاً) ، بجواز الرجعة متى ندم على الطلاق.
وفي هذا المعنى روي عن ابن عباس أنه قال لمن طلَّق ثلاثاً: إنك لم تتَّق اللهِ
فبانت منك امرأتك، ولا أرى لك مخرجاً، أي لا رَجعة لك.
والصحيح أنها على العموم، وأنَّ من يتَّق الله في أفعاله وأقواله يجعل له مخرجاً، فيدخل في ذلك الطلاق وغيره.
وروي أنها نزلت في عَوْف بن مالك الأشجعي، وذلك أنه أُسِر ولده وضيّق
عليه رزقه، فشكَا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمره بالتقوى، فلم يلبث إلا يسيراً وانطلق ولده ووسّع الله عليه رزقه.
وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال - حين قرأ هذه الآية: مَخْرَجاً من شبهات الدنيا، وغمرات الموت، ومن شدائد يوم القيامة.
وقال - صلى الله عليه وسلم - إني لأعلم آوية لو أخذ الناس بها لكفتهم: ومن يَتّقِ الله ... ) الآية.
فإن قلت: إن الله تعالى تكفّل بأرزاق العباد على الجملة، فما فائدة قوله:
(ويَرْزقْه من حيث لا يَحْتَسِب) .
فالجواب أن الرزق مضمون لكل حيّ طولَ عمره، وهو الغذاء الذي به تقوم