قال الغزالي والقرطبي: ولا يكون الميزان في حق كل أحد، فالسبعون ألفاً
الذين يدخلون الجنة بغير حساب لا يأخذون صحفاً، ولا يرفع لهم ميزان.
وروي الترمذي - وحسّنه - حديث:"يُصاح برجل من أمتي على رؤوس
الخلائق، ويُنشْر عليه تسعة وتسعون سجلاّ، كلّ سجل مثل مَدِّ البصر، ثم يقول: أتنكر مِنْ هذا شيئاً، أظلمك كتبتي الحافظون، فيقول: لا، يا رب، فيقول: ألكَ عذْر، فيقول: لا، يا رب.
فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنك لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فيقول: احضر وزنك.
فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات، فيقال: إنك لا تُظلم، فتوضع السجلاتُ في كفّة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء".
فانظر يا أخي عظيم فضل الإقرار، وقبْح الإنكار فيمن أنكر أفعاله، حتى
تشهدَ عليه جوَارِحه، اللهم إنا مقِرّون بأنا مطيعون عدوَّك إبليس الذي أبْلَسْته من عدم طاعته لأبينا آدم، ولا حيلة لنا بالفرار مع غوايته إلا بتوفيقك، فثبّتْنَا على عصيانه هنا ويوم الوقوف بين يديك، فإنك تعلم أنَّا لا نعصيك لجهلنا بمعصيتك، ولا نتعرض لعقوبتك، وإنما جهلنا قَدْرَك، فمن ينقذنا من عقوبتك إن عاقبتنا، ومَنْ يوصلنا لرحمتك إن قطعتنا؟ وبحبل من نعتصِم إن طردتنا وأخجلتنا من الوقوف بين يديك، إذ ليس لنا حجة تجاهد عنا في رحمتك التي أعدَدْتها لعصاة عبادة، وقد بلَغنا عنك أنك تقول لعبد من عبادك: فأي الأمرين أحبّ إليك أن أجزيك بعملك أو بنعمتي عليك، فيقول: يا رب، أنت تعلم أني لم أعصك.
فتقول: خذوا عبدي بنعمةٍ من نعمي، فما تبقى له حسنة إلا استفرغتها تلك النعمة.
فيقول: يا رب، بنعمتك ورحمتك، هذا حال من لم يعصك يتعلق برحمتك، فكيف حال مَنْ لا يجد في صحيفته حسنةً، لكن جودك يعمّ المفاليس.
قال بعض المحبين: رأيت أبي يزيد بعد موته فقلت له: ما فعل الله بك؟
فقال: أوقفني بين يديه، وقال: بأي عمل قدمت إلى حضرتي، وبأي وسيلة