للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبواب السماء بماءٍ منهمر، فقلنا: يا سماء أمطري، ويا أرض انشقّي، ويا طوفان أهلك، ويا كافر، اهلك بأهلك.

(مدَّكر) : تحضيض على الادّكار، فيه ملاطفة جميلة من الله لعباده.

ووزْن مدَّكر مفتعل، وأصله مدتكر، ثم أبدل من التاء دال، وادغم فيه

الدال.

فإن قلت: ما فائدة تكرير هذه الآية، وقوله: (فذوقوا عذابي ونذر) .

فالجواب أنه كرره ليُنَبّه السامعَ عند كل قصة فيعتبر بها، إذ كلّ قصة من

القصص عبرةٌ وموعظة، فختم كلَّ واحدة بما يوقِظُ السامع من الوعيد في قوله: (فكيف كان عذابي ونذر) .

ومن الملاطفة في قوله: (ولقد يَسَّرْنَا القرآن للذكر فهل من مدَّكِر) .

(مُنْقَعِر) ، أي منقطع، ويشبَّه اللَّهُ قَوْمَ عادٍ بذلك لما بَغَوْا

وتمرَّدوا، وقالوا لهود: لا نلتفت إلى قولك، ولا نخاف من تهديدك، فإن كنت صادقاً فأنزل علينا عذابا.

قال: (قد وقع عليكم من ربكم رِجْس وغَضَب) ، فمنع الله عنهم المطر ثلاثَ سنين حتى هلكت المواشي والدواب، فقال لهم هود:

(استَغْفِروا رَبَّكم ثم توبوا إليه) .

فقالوا: لا نَتوبُ، ولكن نرسل رجالاً إلى مكة َ للاستسقاء، لأنهم كانوا يعظّمونها، ويطلبون بها حوائجهم، فبعثوا منهم ستَّةً

وآمن منهم رجلان، وقالا: إلهنا إنك تهلك قَوْمَ هود، ولسنا منهم، فاستجِبْ دعاءنا، واقْضِ حاجتنا، فسمعا صوتاً: سَلْ تعْط.

فقال أحدهما: إلهي إني أسأل عمرَ سبْع نسور، فسمع صوتا: أعْطِيت ذلك، فبقي أربعةٌ من الكفار، وكان اسم واحد منهم قيدا، فقالوا له: ادع أنْتَ، فدعا، وقال: اللهم إني لم أجئ لمريض أداويه، ولا لأجْلِ أسيرٍ فأفْديه، اللهم فاسْقِ عاداً كما كنْتَ تسقيهم، فهاجت ثلاث سحائب حمراً وبيضاً وسوداً، فسمع صوتاً: اخْتَرْ أيّها شئت.

فقال: قد اخترت السوداء، فسمع صوتاً يقول: قد اختَرْتَ رَعَّادا لايبْقَى مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>