والثانية التنبيه لكل متزمل راقد بالليل ليتنبَّه إلى ذِكْر الله، لأن الاسم المشتق
من الفعل يشتركُ فيه المخاطب وكل من اتصف بتلك الصفة.
وفي معنى تسميته - صلى الله عليه وسلم - بهذا الاسم ثلاثةُ أقوال:
أحدها: أنه كان في وقت نزول الآية متزمّلاً في كساء أو لحاف، والمتزمُّل:
الالتفاف في الثياب بِضَمّ وتشمير، هذا قول عائشة والجمهور.
الثاني: أنه كان قد تزمَّل في ثيابه للصلاة.
الثالث: أنه المتزمل للنبوءة، أي المتشمر المجد في أمرها.
والأول هو الصحيح، لما ورد أنه لما جاءه الملك وهو في غارِ حِرَاء في ابتداء
الوحي ورجع إلى خديجة ترعد فرائصه، فقال زَملُوني زَملُوني، فنزلت: يا أيها المدثر.
وعلى هذا نزلت: (يا أيها المزمل) ، فالمتزمُّل على هذا تزمُّله من أجل الرعب
الذي أصابه أول ما جاءه جبريل.
وقال الزمخشري: كان نائماً بالليل متزملاً في قطيفة، فنودي (يا أيها المزمل)
ليهجر إليه الحالة التي كان عليها من التزمّل في القطيفة، لأنه سبب للنوم الثقيل المانع من قيام الليل.
وهذا القول بعيد غَيْرُ سديد.
(مُنْفَطِر به) : أي ممتلئة به بلسان الحبشة، قاله ابن عباس.
والانفطار في اللغة الانشقاق.
والضمير المجرور يعود على اليوم الذي تنفطر السماء بشدة هَوْله.
ويحتمل أن يعود على الله، أي تنفطر بأمره وقُدْرته.
والأول أظهر.
فإن قلت: ما فائدة مجيء منفطر بالتذكير والسماء مؤنثة؟
فالجواب تأنيثها غير حقيقي، أو على الإضافة، تقديره ذات انفطار، أو لأنه
أراد السقف.
(مدَّثر) : من أسمائه عليه الصلاة والسلام، وتسميته بذلك
كتسميته بالمزَّمِّل، ومعناه الذي تدثَّر في كساء أو رداء.