الجملة وأسيراً، والمراد بذلك أسير المشركين، فقريء عليه الكتاب وابنته تسمع، فلما انتهى إلى هذا الموضع قالت له: أخطأت يا أبت.
قال: وكيف، قالت: أجمع المسلمون على أن الأسير يطعَم ولا يقتل جوعا.
فقال: صدقت.
وقال شَيْذَلة في البرهان: يجوز نسخ الناسخ فيصير منسوخاً، كقوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦) .
نسخها قوله: (فاقْتُلُوا المشركين) .
ثم نسخ هذه بقوله: (حتى يعْطُوا الْجِزْيَةَ) .
كذا قال، وفيه نظر من وجهين:
أحدهما ما تقدمت الإشارة إليه.
والآخر أن قوله: (حتى يعْطُوا الْجِزْيَةَ)
- مخصِّص للآية لا ناسخ، نعم يمثل له بآخر سورة المزمل، فإنه ناسخ لأولها
منسوخ بفرض الصلوات الخمس.
وقوله: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا) ، ناسخ لآية الكفّ، منسوخ بآية العُذْر.
وأخرج أبو عبيد عن الحسن وأبي ميسرة، قالا: ليس في المائدة منسوخ.
ويشكل بما في المستدرك عن ابن عباس أن قوله: (فاحْكمْ بينهم أو أعْرِضْ
عنهم) المائدة: ٤٢، - منسوخ بقوله: (وأنِ احكم بينهم بما أنزل الله) .
وأخرج أبو عبيد وغيره، عن ابن عباس، قال: أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة.
وأخرج أبو داود في ناسخه من وجه آخر عنه، قال: أول آية نسخت من
القرآن القبلة، ثم الصيام الأول.
قال مكي: وعلى هذا فلم يقع في المكي ناسخ.
قال: وقد ذكر أنه وقع فيه في آيات، منه قوله تعالى في سورة غافر: (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) . غافر: ٧.
فإنه ناسخ لقوله تعالى: (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) الشورى: هـ.