للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما خرج إبراهيم خروجَ أدب، فقال: (إني ذاهب إلى ربي سيهدين) فألبسته

لباس الخلَّة، وبردت عليه النار، كذلك عبدي الصالح يخرج من بطنه خروجَ

أدب، فأنعم عليه بالعلم والمعرفة، وأبرد عليه نيران الكفرة، (ولكن الله حبَّب إليكم الإيمان) الآية.

وكما أن موسى خرج خروج هرَب خائفاً يترقب، وكذلك العبد يخرج من

الدنيا خروجَ مَنْ يهرب من الشيطان كيوم يسمعون الصيحة بالحق.

وكما آنست موسى بابْنَةِ شعيب في دارِ غربة، كذلك أونسك في القبر وأريك مقامك من الجنة.

وكما أن لوطاً خرج خروج طرب، فسرى بأهله، كذلك العَبْد يخرج من القَبْر خروجَ طرب، لأنه يخرج لإيمانه الذي كان يرتجيه ولحفظته الذين كانوا

يؤنسونه، وكما أنجيت لوطاً وقومه من العذاب كذلك أنجي المؤمنين وأعذّب

الكافرين.

(نَكِير) .: مصدر بمعنى الإنكار.

(نبّئ عبادي) .

الآية فيها ترجية وتخويف، وقد قدمنا سر (الغفور الرحيم) ، و (العذاب الأليم) ، فرجاء الخلق إلى نفسه، وخوفهم من عذابه.

(نصيبكَ مِنَ الدّنيا) .

أي حظَّك فيها.

واختلف ما المراد بهذا الحظّ، فقيل: حظّه منها ما يَعْمَل فيها من الخير.

فالكلام على هذا وعظ.

وقيل التمتّع بها مع عَمَله للآخرة، فهو على هذا إباحةٌ

للتمتع بالدنيا لئلا يَنْفِرَ عن قبول الموعظة.

ومنه الحديث: اعمَلْ لدنياك كأنك تعيش أَبداً ولأخراك كأنك تموت غداً.

وفي الحديت أيضاً: العاقل لا يُرَى مشتغلاً إلا في دِرهم لمعاشه، وعمل لمعاده.

(ناديكم) : مجلسكم.

والمراد بهم قوم لوط، لإذايتهم الناس بأقوالهم وأفعالهم.

(نَسْلَخ منه النهار) ، أي نجرده منه، وهو استعارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>