عدة رجال يعملون هذه الصنعة، ولا صحت معه أبداً، وأتلف على هذا المعنى جملة مستكثرة، قدر ما كان يحصل له لو صحت معه. ودام الملك المجاهد أيبك هذا في غزة، إلى أن مات مقتولاً بيد التتار صبراً في سنة ست وخمسين وستمائة، وكان بطلاً، شجاعاً، مقداماً، جواداً، موصوفاً بالكرم، والرأي الجيد، والتدبير، وهو آخر ملوك بغداد من قبل الخلفاء؛ لأن المستعصم قتل هو وولده في هذه الوقعة، ولم يكن بعده خليفة ببغداد، وقتل في هذه الوقعة ببغداد وأعمالها ما يزيد على ألفي ألف وثلثمائة ألف إنساناً، وزالت الخلافة العباسية من بغداد. وسبب هذه المحنة وقدوم هولاكو إلى بغداد وأخذها، وزير الخليفة المستعصم العلقمي الرافضي، كتب في السر لهولاكو يستدعيه إلى بغداد.
نذكر ذلك في ترجمة العلقمي في المحمدين، إن شاء الله تعالى.
والعجيب أنه لما قتل الخليفة ودواداره الملك المجاهد هذا بين يدي هولاكو، استدعى هولاكو الوزير العلقمي المذكور إلى بين يديه وعنفه على سوء فعله مع أستاذه، وقال له: لو أعطيناك كل ما نملكه ما نرجو منك خيراً، ثم أمر به فقتل أشر قتلة، فلا رحم الرحمن تربة قبره.