أصحابه، وأذن لأهل الأمير جمال الدين أن يحملوا إليه الطعام والشراب والملابس وكل ما يحتاج إليه، ثم أظهر موته وأخفى خبره بالكلية.
فلما وقع الصلح بين الملك الناصر صلاح الدين يوسف وبين المعز وتوجه الشيخ نجم الدين البادرائي إلى الديار المصرية، طلب من الملك المعز الإفراج عن الأمير جمال الدين، فقال له الملك المعز: ما بقي المولى يراه إلا في عرصات القيمة إشارة إلى أنه قد مات. ولم يكن مات، بل كان في قاعة، وعليه الملبوس الفاخر، والملك المعز يدخل عليه في بعض الأوقات ويلعب معه الشطرنج. واستمر على ذلك إلى أن خرج الملك المظفر سيف الدين قطز لقتال التتار، فأفرج عنه، وأمر بتجهيزه إليه، فلقيه في الطريق وقد خرج من دمشق، فعاد معه، واجتمع معه الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري، وأطلعه على شيء مما عزم عليه؛ فأغلظ له في الجواب وصده عن ذلك بكل طريق، وقال له: لو كان للملك المظفر في عنقي يمين لأخبرته بذلك، فإياك إياك أن تقع في ذلك؛ فأظهر الإصغاء إلى قوله، وفعل ما كان عزم عليه.