قلت: والأقوى عندي أن اسمه كان قديماً برقوق في بلاده؛ لأن إخوته وأقاربه ووالده قدموا إلى الديار المصرية، وكانوا خلقاً كثيراً، فلم يلهج أحد منهم بذلك، ولا أحد من حواشيه، ممن كان من بلده، وهم جماعة كبيرة أيضاً.
والرواة لهذا الخبر ثقاة، إلا أنب رهان الدين المحلي كان لا يعرف باللغة التركية، وخواجا عثمان كان لا يعرف باللغة العربية، فدخل الوهم من هنا، والله أعلم.
ولما أخذه الأتابك يلبغا أعتقه، وجعله من جملة مماليكه إلى أن قتل يلبغا وكانت واقعة الأجلاب مماليكه وتشتت شملهم، أخرج برقوق فيمن أخرج منهم إلى البلاد الشامية، وخدم عند الأمير منجك اليوسفي نائب دمشق حتى طلب الملك الأشرف شعبان بن حسين اليلبغاوية إلى ديار مصر، وجعلهم في خدمة أولاده؛ فصار برقوق من جملة مماليك الأسياد إلى أن ثاروا مع الأمير أينبك بعد سفر الأشرف شعبان إلى الحجاز؛ فانتقل برقوق في هذه الواقعة من الجندية إلى إمرة طبلخاناه دفعة واحدة ثم إلى إمرة مائة وتقدمة ألف، وملك الإسطبل السلطاني، وصار أمير آخور. ثم ولى الإمرة الكبرى، ولا يزال يدبر الأمر والأقدار تساعده حتى ذهب من يعانده واستفحل أمره.