بعد تسليم دمياط إلى المسلمين. وتوجه إلى بلاده وفي قلبه ما جرى عليه من ذهاب أمواله، وأسر رجاله؛ فبقيت نفسه تحدثه بالعود إلى البلاد الإسلامية؛ لأخذ ثأره. فاهتم لذلك اهتماماً كبيراً في مدة سنين إلى سنة ستين وستمائة، وقصد سواحل الديار المصرية فقيل له: إن قصد مصر ربما يجري لك مثل المرة الأولى، والأحسن أن تقصد تونس.
وكان ملكها يومئذ السلطان محمد بن يحيى بن عبد الواحد، الملقب بالمستنصر بالله، فإنك إن ظهرت عليه، تمكنت من قصد مصر في البر والبحر؛ فقصد تونس، وكاد يستولي عليها، ومعه جماعة من ملوك الفرنج؛ فأوقع الله في عسكره وباءً عظيماً؛ فهلك الملك ريد إفرنس وخلق كثير من عسكره، ورجع من بقي من عسكره إلى بلادهم بالخيبة والصغار.
وكانت وفاته سنة إحدى وستين وستمائة، ووصلت البشرى بموته إلى الملك الظاهر بيبرس؛ فسر الناس بذلك.
وكان ريد إفرنس المذكور عنده شجاعة، وإقدام، ومكر، ودهاء. ولما أسر في نوبة دمياط، تسلمه الطواشي جمال الدين محسن هو وجماعته، وضرب في رجله قيداً ثقيلاً، واعتقله في الدار التي كان بها فخر الدين بن لقمان؛ كاتب الإنشاء، وذلك بالمنصورة، ووكل به جمال الدين محسن الطواشي صبيح المعظمي؛ فلذلك