وكان الناس قد عرفوه؛ فكان بعض الناس يتحيل عليه؛ فإذا رآه قد دخل المدينة أخذ اثنين بقصص - صورة أنهما رسولا القاضي أو المستولي - وأخذا يضربانه؛ فيستغيث به: يا أبونا يا أبونا؛ فيقول ما باله؟ ؛ فيقولان: عليه دين، أو اشتكت عليه زوجته، فيقول: على كم؟ فيقولا: على ألفين أو أقل أو أكثر؛ فيكتب له على شقفة أو غيرها إلى بعض الصيارف بذلك المبلغ؛ فيقبضه منه.
وقيل إن مبلغ ما وصل منه إلى السلطان، وما واسى به الناس في مدة ثلاث سنين ستمائة ألف دينار. مضبوطة بقلم الصيارف الذين كان يجعل عندهم المال، وذلك خارجاً عما كان يعطى من يده.
وكان لا يأكل من هذا المال ولا يشرب، بل النصارى يتصدقون عليه بما يمونه.
فلما كان سنة ست وستين وستمائة، أحضره الملك الظاهر بيبرس؛ فطلب منه المال أن يحضره، أو يعرفه من أين وصل إليه؛ فجعل يدافعه ويغالطه، ولا يفصح له بشيء - وهو عنده داخل الدور - فعذبه حتى مات، ولم يقر بشيء، فأخرج من القلعة، وأرمى ظاهرها على باب القرافة. وكان قد وصل إلى الملك الظاهر بيبرس فتاوى فقهاء الإسكندرية بقتله، وعللوا ذلك بخوف الفتنة من ضعفاء نفوس المسلمين. انتهى.