وعلم الدين سلطان الألد كزى؛ فأكرمهم الملك الناصر، ووفى لهم بما حلف.
فلما ورد الخبر بأن الملك الظفر قطز وثب على ابن أستاذه، حرض الملك الناصر بيبرس على قصد الديار المصرية، فلم يجبه الناصر، فقال بيبرس: فقد منى على أربعة آلاف فارس أقوم بها إلى شط الفرات أمنع التتار من العبور إلى الشام، فلم يمكنه الملك الصالح صاحب حمص؛ لباطن كان له مع التتار.
ثم إن بيبرس أرسل استحلف الملك المظفر قطز، وفارق الملك الناصر صاحب دمشق، ودخل إلى القاهرة في الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وستمائة؛ فركب الملك المظفر قطز للقائه، وأنزله في دار الوزارة، وأقطعة قليوب لخاصته، وصار عنده خصيصاً إلى أن خرج الملك المظفر قطز لملتقى التتار، سير بيبرس هذا في عسكر؛ ليتجسس أخبارهم؛ فأول من وقعت عينه عليهم ناوشهم القتال؛ فلما كسر التتر تبعهم يقتص آثارهم، ويقتل من وجد منهم إلى حمص. ثم عاد بيبرس؛ فوافى المظفر قطز بدمشق؛ فلما توجه المظفر إلى نحو الديار المصرية، عاد بيبرس هذا صحبته بعد أن اتفق مع جماعة من ممن وافقه على قتل الملك المظفر قطز؛ فقتلوه في سادس عشر ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وستمائة.