الدوادار في يوم الجمعة رابع جمادى الآخرة من السنة، وتلاحق به كثيراً من أمرائه، ولم يطلع الفجر حتى ركب الملك الناصر بآلة الحرب وسار بمن اجتمع عليه يريد قلعة الجبل؛ فقاتله الأتابك بيبرس هذا ومعه الأمير إينال باي أمير آخور، وسودون المارديني، ويشبك بن أزدمر من القلعة، قتالاً ليس بذاك، ثم انهزموا، وملك الملك الناصر فرج القلعة، وتوجه بيبرس منهزماً إلى خارج القاهرة؛ فأدركه الأمير سودون الطيار؛ فقاتله، فلم يثبت بيبرس، وأخذه سودون، وقبض عليه، وأحضره بين يدي الملك الناصر فرج بقيده، وبعث به إلى الإسكندرية.
وعاد الملك الناصر إلى ملكه، وخلع المنصور عبد العزيز، فكانت مدة ملك المنصور سبعين يوماً، وخلع السلطان على الأمير يشبك الشعباني الدوادار باستقراره أتابك العساكر، عوضاً عن بيبرس المذكور، واستقر سودون الحمزاوي دواداراً، عوضاً عن يشبك. ولا زال بيبرس في حبس الإسكندرية إلى أن قتل بالثغر في سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وقتل معه الأمير سودون المارديني، والأمير بيغوت.
وكان بيبرس أميراً جليلاً، كريماً، لين الجانب، قليل الشر، منهمكاً في اللذات، واللهو، والطرب، منقاداً إلى نفسه، بمعزل عن الشجاعة والفروسية. رحمه الله تعالى.