ذلك إلى أن قبض عليه الملك الأشرف برسباي في يوم البت تاسع عشرين شوال سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وحمله إلى الإسكندرية، فسجن بها مدة إلى أن أطلقه الملك الأشرف، ورسم له بالإقامة بثغر دمياط بطالاً، فتوجه إليها، ودام بها إلى أن نقل إلى القدس بطالاً أيضاً بشفاعة زوجته خوند قنقباي، أم الملك المنصور عبد العزيز بن الملك الظاهر برقوق، فلم تطل أيامه بالقدس، وطلب إلى القاهرة، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف وصار أمير مجلس، لكنه كان يجلس في الخدمة السلطانية رأس الميسرة، بخلاف قاعدة أمراء مجلس، وذلك مراعاة لمنزلته السالفة، فأقام على ذلك مدة يسيرة، وتوفى بالطاعون في ليلة الأربعاء سادس جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وله نحو ستين سنة.
وكان أمراً جليلاً، مهاباً، شجاعاً، معظماً في الدولة، وعنده تعصب لمن يلوذ به ومروءة، لكنه كان سيئ الخلق، قوي النفس، وله بادرة وخسة إلى الغاية مع سلامة باطن.
وكان تركي الجنس مستحقاً باجلراكسة، وعنده جنكزخان المغلي بمنزلة الخضر - عليه السلام -. وكان يخاطب الملك باللفظ الخشن، ولهذا كان كثيراً ما يمسك ويحبس. رحمه الله تعالى.