ووصل الجوكندار بمن معه من العساكر إلى حماة وبها صاحبها الملك المنصور، فنزلوا بظاهرها من جهة القبلة، وقام المنصور بضيافتهم، وهو مستشعر منهم بأمور، ثم قدم التتار إلى جهة حماة: فلما قربوا منها رحل الملك المنصور والجوكندار بعسكرهما إلى حلب، ووصلت التتار إلى حماة ونازلوها فأغلقت أبوابها، فطلبوا منهم فتح الأبواب وإنهم يؤمنوا لهم كالمرة الأولى، فلم يجيبوهم، ولم يكن مع التتار خبز وشاه، ولم يكن أهل حماة يتقون إلا به، فاندفع التتار عن حماة للقاء العسكر، واحتفل الجوكندار والملك المنصور صاحب حماة والملك الأشرف صاحب حمص في ألف وأربعمائة فارس، وحملوا على التتار حملة رجل واحد، فهزموهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وهرب بيدرا هذا مقدم التتار في نفر يسير، وأتى القتل على معظمهم. وكانت الوقعة عند قبر خالد بن الوليد - رضي الله عنه - في أوائل المحرم سنة تسع وخمسين وستمائة، وتوجه بيدرا إلى هولاكو بخيبة وصغار.
وكان عارفاً بالحروب مقداماً شجاعاً، عليه من الله ما يستحق.