أحسن نظام، بحيث أنه لم يظهر لموت الملك الظاهر أثر.
ولما وصل إلى القاهرة مرض عقيب وصوله. ولم يطل مرضه؛ وتوفى ليلة الأحد سادس شهر ربيع الأول سنة ست وسبعين وستمائة بقلعة الجبل يوم الاثنين؛ فدفن بتربته التي أنشأها بالقرافة الصغرى، ووجد الناس عليه وجداً عظيماً، وحزنوا لفقده، وشمل مصابه الخاص والعام؛ فكانت له جنازة مشهودة، وأقيم النوح عليه بالقاهرة والقلعة ثلاث ليال متواليات، والخواتين ونساء الأمراء يدورون في شوارع القاهرة ليلاً بالشمع، والنوائح والطارات، وصدع موته القلوب. وقيل إنه مات مسموماً. ومنذ مات اضطربت أحوال الملك السعيد، وظهرت إمارات الإدبار عليه. وكان عمره خمساً وأربعين سنة. وخلف تركة عظيمة تفوت الحصر، وخلف ابنين.
وكتب إليه شهاب الدين بن يغمور، وقد أهدى إليه شاهيناً.
يا سيد الأمراء يا من غدا ... وجه الزمان به منيراً حالكا
وافاك ذا الشاهين قبل أوانه ... ليفوز قبل الحائمات ببابكا
حتى الجوارح قد غدت بدرية ... لما رأت كل الوجود كذالكا