أقبح الوجوه، فلما حصرهما السلطان بقلعة الكرك مدة، ثم وقع الصلح بين السلطان وبينهما على أن يعطي الأمير شيخ نيابة حلب، ويعطي الأمير نوروز نيابة طرابلس، ويكون نائب دمشق من قبل الملك الناصر، فقالوا: إن كان ولا بد فلا يكون علينا من هو دوننا نائب دمشق، ونحن راضون بالأمير الكبير، يعني والدي رحمه الله فإنه آغتنا قديماً وحديثاً، فالتفت الملك الناصر إليه وقال له: يا أبي ما بقي في هذا إلا استقرارك في نيابة دمشق، فامتنع والدي رحمه الله غير مرة، والملك الناصر يكرر السؤال عليه ويعانقه ويقبل رأسه حتى قبل ووليها، وهي ولا يته لها ثالث مرة، وذلك في أواخر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وخمدت الفتنة بتوليته.
وصار شيخ ونوروز في طاعته إلى أن مرض في سنة أربع عشرة ولزم الفراش عدة أشهر، وأفحش الناصر ثانياً في حقهما، فخرجا عن طاعته وتوجه الناصر إلى البلاد الشامية في السنة المذكورة لقتالهما، ولما بلغ الأمير شيخ والأمير نوروز الحافظي مجيء الملك الناصر إلى البلاد الشامية، وعلما أن والدي، رحمه الله على خطه، عظم عليهما ذلك، وقدما إلى دمشق ليعوداه، فنزلا ظاهر دمشق بثقلهما، ودخلا إليه كل واحد معه خمسة مماليك لاغير، وأقاما عنده بدار السعادة ساعة كبيرة، والناس يتعجبون من دخولهما إلى دمشق والملك الناصر في طلبهما، لا سيما دخولهما إلى دار السعادة ومكثهما عنده هذه المدة، ثم خرجا من عنده بعد أن أخلع عليهما كل واحد كاملية سمور هائلة، وقيد لكل منها فرس بسرج