المذكور إذ ذاك صغيرا، فأخرج له والدي رحمه الله خيلا وقماشا، وجعله من جملة الجمدارية، وسمى تغرى برمش، واستمر عندنا سنين إلى أن استقر والدي في نيابة الشام سنة ثلاثة عشرة وثمانمائة، فلما وصل والدي رحمه الله إلى دمشق، وأقام بها مدة، فر تغرى برمش هذا من عنده وأخذ معه جماعة من طبقته. وكان تغرى برمش ومن هرب معه من المماليك آنيات شاهين أمير آخور والدي رحمه الله الكببر، وكان شاهين المذكور له ميل زائد إلى تغرى برمش هذا، فأخفى شاهين خبر تغرى برمش ورفقته عن والدي مدة لكثرة مماليكه، ثم علم ذلك فشق عليه، ثم بلغه أنه هو ورفقته بمدينة طرابلس، فرسم بأن يكتب إلى نائب طرابلس الأمير جانم من حسن شاه بالقبض على تغرى برمش المذكور ورفقته، فلما سمع شاهين أمير آخور ذلك صعب عليه، ولم يمكنه مراجعة ملك الأمراء في الكلام، فسأل أن يتوجه هو إلى طرابلس ويقبض عليهم، ويعود بهم إلى دمشق، قصد شاهين بذلك الشفقة عليهم، وتوجه إلى طرابلس، فبلغه خبرهم أنهم يتعاطون الشراب في قاعة بطرابلس، فترك شاهين مماليكه وخدمه، وركب وتوجه إليهم، ودخل عليهم هجما في القاعة المذكورة، فلما وقع نظره عليهم سبهم قبل السلام، فقام إليه