حمام الفارقانى، ولم ينزل بالإسطبل السلطاني، على عادته أولاً، لأن الأتابك جقمق كان قد سكن بالإسطبل السلطاني، مكان سكنه، فلا جل ذلك نزل بداره، وعظم ذلك عليه، وما خفاه أعظم، فلم تطل مدته وقبض عليه مع من قبض عليه من الأشرفية وغيرهم، وحمل إلى الأسكندرية فحبس بها مدة سنين، ثم نقل إلى بعض الحبوس بالبلاد الشامية، وطال حبسه زيادة على سبع سنين.
ثم أفرج عنه ورسم له بالتوجه إلى مكة المشرفة بطالاً، فتوجه إلى مكة وأقام بها نحوا من ثلاث سنين، ولما جاورت أنا بمكة في سنة إثنتين وخمسين وثمانمائة حصل له بمجاورتي سرور زائد، وبقى لا يفارقني مدة المجاورة، وكان يتبرم من حرمكة ويطلب القدس، فكنت أنهاه عن التحدث في ذلك إلى أن عدت أنا إلى القاهرة، أرسل في سنة أربع وخمسين يطلب التوجه إلى القدس، فرسم له بذلك، فسافر من مكة في موسم السنة المذكورة مع حجاج الكرك حتى وصل إلى القدس، فلما ورد الخبر على الملك الظاهر بوصوله إلى القدس رسم في الحال بالقبض عليه وحبسه بالكرك، فقبض عليه وحبس بها.