أحمد الدوادار في شهر جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، فباشر نيابة الإسكندرية إلى أن عزل عنها بالغرسى خليل بن شاهين الشيخى في يوم الثلاثاء ثالث عشرين شوال سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، وعاد إلى القاهرة على إقطاعه.
واستمر على ذلك إلى يوم السبت حادي عشر المحرم من سنة ثمان وثلاثين أخلع عليه بالحجوبية الثانية، عوضاً عن الأمير بردبك الإسماعيلي بحكم نفيه إلى دمياط، ودام الأمير جانبك على ذلك إلى أن أخلع عليه السلطان باستقراره في شد بندر جدة بالبلاد الحجازية، وأن يكون مقدماً على المماليك السلطانية بمكة المشرفة.
فتوجه إلى جدة وباشرها بحرمة وافرة وعظمة زائدة مع عدم معروفة.
ومما وقع له بتلك البلاد أنه كان ببندر جده مصطبة من التجأ أليها من أرباب الجرائم وطلع عليه لا يجسر أحد على أخذه من عليها كائناً من كان، ولو كان على الملتجئ دم لبعض أشراف مكة، فلما كان في بعض الأيام بدا للأمير جانبك المذكور أن يهدم هذه المصطبة المذكورة، فكلمه بعض أعيان الناس في عدم هدمها، فأبى إلا هدمها، وكان هذا شأنه لا يسمع لأحد، ولهذا سمي جانبك التور، وأمر بهدمها فهدمت حتى لم يبق لها أثر، بعد أن وقع بينه وبين أشراف مكة وقعة هائلة قتل فيها جماعة من الفريقين، ومشى له ذلك، وتم إلى يومنا هذا، فالله يغفر له بإزالته هذه البدعة السيئة من بين المسلمين.