إلى الديار المصرية بالأموال والتحف والهدايا، فحال قدومه أنعم عليه السلطان بإمرة طبلخاناة والدوادارية الثانية في يوم سادس عشر ذي القعدة سنة ست وعشرين وثمانمائة، عوضاً عن الأمير قرقماس الشعباني بحكم انتقاله إلى تقدمة ألف بالديار المصرية، وتوجه إلى مكة المشرفة على إمرتها.
فباشر جنبك المذكور الدوادارية بحرمة وافرة وعظمة زائدة، وصار هو صاحب العقد والحل في الممالك، وإليه مرجع أمور الدولة الأشرفية من الولاية والعزل، وشاع اسمه، وبعد صيته، وتسامع الناس به في الآفاق، وقصده أرباب الحوائج من الأقطار، وصار كل كبير في الدولة يتصاغر عنده، ويمشي في خدمته، حتى أني رأيت في بيته الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن كاتب المناخ الوزير، والقاضي كريم الدين عبد لكريم كاتب جكم ناظر الخواص، لما ينزلان من الخدمة السلطانية يأتيان إلى بيت الأمير جانبك ومجلس كل منهما على دكة ويتعاطى أشغال الأمير جانبك المذكور، كأحد كتابه، وقع ذلك منهما غير مرة، وكان الدوادار الطبير يومئذ الأمير أزبك فكان بالنسبة إلى الأمير جانبك الدوادار الثاني هذا كآحاد الدوادارية الصغار.