وسافر تمراز وقصد جدة، فلما وصل إلى باب المندب من عمل اليمن عند مدينة عدن أخذ المركبين الذين معه المشحونين بالفلفل وتوجه بهما إلى جزيرة مقابلة الحديدة تسمى كمران، فحضر أكابر الحديدة إلى عند تمراز المذكور، وحسنوا له أخذ معه جمعي ما في المراكب، ثم قال له أهل الحديدة: لنا عدو وما نقدر نملك اليمن حتى ننتصر عليه، وبلد العدو تسمى سحية، فتوجه صحبتهم وقصد عدوهم والتقى الجمعان، فكان بينهم وقعة هائلة قتل فيها تمراز المذكور، وقتل معه جماعة من اخصائه، وسلم ممن كان معه شخص يسمى أيضاً تمراز من المماليك السلطانية، وهو حي إلى يومنا هذا.
فلما بلغ جانبك
موت تمراز المذكور، أرسل شخصاً من الخاصكية ممن كان معه بجدة يسمى تنم رصاص، ومعه كتب جانبك إلى الحديدة بطلب ما كان مع تمراز من الأموال، فوصل المذكور إلى الحديدة فتلقاه أهلها بالرحب والقبول، وسلموه جميع ما كان مع تمراز والمركب المروس، فعاد بالجميع إلى جدة.
واستمر جانبك في التكلم على بندر جدة في كل سنة إلى أن مرض السلطان الملك الظاهر جقمق وخلع نفسه وسلطن ولده الملك المنصور عثمان، فقبض المنصور على زين الدين الأستادار وأخلع على جانبك هذا باستقراره في الأستادارية، وسلم إليه زين الدين المذكور على أن يستخرج منه خمسمائة ألف دينار، فأخذه