وكان بينهما وقفة، فعلم البزدارية الطيور الطعم على عمامة ابن قاضي دارا المذكور، ثم أرسلوا الجوارح عليه إلى أن كاد يهلك.
وكان الأمير جمال الدين هذا ينهى ابن قاضي دارا من التعرض إليهم والوقوف في طريقهم، وكان الأمير جمال الدين له همة عالية ويندبه الملك الظاهر للمهمات، وأرسله مرة لعمارة جسر دامية وجرت له في عمارته عجيبة لأن الشريعة كان بها مياه عظيمة، وكان له وللولاة وللآلات عدة شهور ينتظرون العمل فلا يتمكنون من كثرة الماء فلما كان في بعض الليالي وقع فيها تل من تلالها فانقطع الماء، وتوجه شخص ليشرب من الشريعة فلم يجد بها قطرة من الماء، فعاد وأعلم الأمير جمال الدين فقام من وقته بالمشاعل وحفر الركائز، وبناها إلى أن فرغ منها وعاد الماء وجرى على عادته.
ولما تولى الملك الصالح بن قلاوون بعد أبيه رتب الأمير جمال الدين استدارا إلى أن توفي والملك الصالح معافى سنة سبع وثمانين وستمائة.