توفى الملك المؤيد شيخ في أول سنة أربع وعشرين، وصار الأمير ططر مدبر مملكة ولده الملك المظفر أحمد بن شيخ، وبلغ ذلك الأمير جقمق صاحب الترجمة فأظهر العصيان بدمشق على الأمير ططر، وأخذ يستميل الأتابك ألطنبغا القرمشى بمن معه من الأمراء المصريين، ويحسن له العود من حلب إلى عنده بدمشق، وذلك بعد أن وقع بين الأتابك ألطنبغا القرمشى وبين الأمير يشبك المؤيدي نائب حلب الوقعة المشهورة التي قتل فيها يشبك المذكور، وولى القرمشى مكانه في نيابة حلب الأمير ألطنبغا الصغير رأس نوبة النوب، ثم عاد بمن معه من أمراء الديار المصرية إلى دمشق، فخرج إليه الأمير جقمق وتلقاه، وبالغ في إكرامه، وأراد بذكل الرئاسة على الأتابك ألطنبغا القرمشى، فما مشى له ذلك، ووقع بينهما وقعة انكسر جقمق فيها، وانهزم إلى قلعة صرخد.
فاستمر بقعلة صرخد إلى أن قدم الأمير ططر إلى دمشق، وصحبته السلطان الملك المظفر أحمد بن الملك المؤيد شيخ، وأخلع على الأمير تنبك العلائي مبق بنيابة دمشق عوض الأمير جقمق، وندبه لمحاصرته بقلعة صرخد، فتوجه الأمير تنبك ميق إليه وصحبته جماعة من العساكر، ونزل على قلعة صرخد وحصره بها إلى ثاني عشر شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة، أرسل جقمق يطلب الأمان، فحلف له الأمير ططر أيمانا مؤكدة، وجهز له الأمان، فنزل الأمير جقمق من قلعة صرخد، وحضر إلى دمشق صحبة الأمير تنبك ميق العلائي، فوافاهما الأمير ططر في عوده من حلب، وقبض على جقمق المذكور، وحبسه بقلعة دمشق وعصره،