وهو كان يريد العصيان على السلطان، لكن بعد أيام، على غير هذا الوجه حتى يصلح أمره ويثق بمن يركب معه من الأعيان ويتهيأ لذلك، فلما غصبوه هؤلاء بالركوب في هذا اليوم، وحسن له بعض أعوانه ذلك، وحذره أنه اذا لم يركب في هذا اليوم لا يجتمع عليه أحد بعد ذلك أذا أراد الركوب، فأذعن، وسار ومعه جماعة كبيرة إلى الغاية، غير أنه منقبض الخاطر حتى وصل إلى الرميلة، ووقف تجاه باب السلسلة، وهو غير منشرح الصدر، لما رأى من خلف عسكره واختلاف أغراضهم، فكان منهم من يقول: الله ينصر الملك العزيز، ومنهم من يقول: الله ينصر السلطان، فكان قرقماس إذا سمع ذلك يقول: الله ينصر الحق، وتكرر ذلك في مسيرهم من بيته إلى أن وصل إلى الرميلة غير مرة، حتى أنه كشف رأسه وقال: الله ينصر الحق، فتطير من أصحابه من له خبرة بكشف رأسه، ثم سقطت درفته في الرميلة عن كتفه، فتزايد تطير الناس لذلك.
ولما وقف بالرميلة، أمر لبعض أعوانه بالمناداة بالقاهرة على لسانه: أنه من حضره إلى عنده من المماليك ينعم عليه بكيت وكيت، وأنه ينفق فيهم إذا صار الأمر إليه بمائتي دينار لكل مملوك، وبمجئ الزعر إليه، وأنه ينفق فيهم أيضاً لكل واحد عشرين دينارا، فعظم جمعه، وتكاثفت عساكره، وبلغ السلطان