العشرات، ودام ذلك إلى نصف النهار المذكور، وتعين الظفر لقرقماس غير مرة، لكنه كان في قلة من أكابر الأمراء فلهذا انهزم، فإنه كان تارة يقف تحت رايته، وتارة يحرك فرسه ويقاتل حتى أصابه لذلك سهم في وجهه وكل فتتفرقت عنه عساكره قليلاً بقليل حتى كانت الكسرة عليه، وانهزم واختفى، وأحاط الملك الظاهر على موجوده وحواشيه، ودقت البشائر لذلك، وتطلبه حتى ظفر به في يوم الجمعة سادسه، وقيد وحمل إلى الأسكندرية في يوم السبت سابعة، وأنعم السلطان بإقطاعه وأتابكيته على الأمير أقبغا التمرازي أمير سلاح، وخلع على يشبك أمير مجلس بإمرة سلاح، عوضاً عن أقبغا، وعلى الأمير جرباش الكريمي المعروف بقاشق بإمرة مجلس، عوضاً عن يشبك.
واستمر السلطان بعد ذلك إلى شهر رمضان من السنة ترادفت عليه الأهوال فيه بورود الخبر بعصيان الأمير تغرى برمش نائب حلب، ثم عقبه البريد بعد مدة يسيرة بعصيان الأيمر إينال الجكمى نائب دمشق، ثم فرار الملك العزيز من وسط الدور السلطاني من قاعة البربرية في ليلة الإثنين سلخه.
سببه أن العزيز لما حبس بقاعة البربرية من الدور السلطاني، وكانت دادته سر النديم الحبشية عنده ومعها عدة جواري له، ثم مكنت مرضعته من الدخول إليه وكان القائم في حوائجه، وفي قبض ما رتب له من أوقاف والده في كل شهر طواشى هندي يسمى صندل، لم يبلغ العشرين من العمر، من عتقاء أمه خوند جلبان، وكان عنده نباهة وفطنة، فاحتوى على جميع أحواله لإنفراده