وكانت جنازته مشهودة بخلاف جنائز الملوك، وذلك لعدم اضطراب الدولة، فإنه كان قد تسلطن ولده الملك المنصور قبل وفاته بأيام حسبما ذكرناه، ومات وسنه نيف على الثمانين سنة.
وكانت مدة ملكه من يوم تسلطن بعد خلع الملك العزيز يوسف في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة إثنتين وأربعين وثمانمائة إلى أن خلع بولده الملك المنصور عثمان المذكور في الثانية من يوم الخميس المذكور الحادي والعشرين من محرم سنة سبع وخمسين وثمانمائة أربع عشرة سنة وعشرة شهور ويومان، وكانت وفاته بعد خلعه بإثنتي عشر يوماً كما ذكرناه.
وكان سلطاناً ديناً، خيراً، صالحاً، متفقهاً، شجاعاً، عفيفاً عن المنكرات والفروج، لا نعلم أحدا من ملوك مصر في الدولة الأيوبية والتركية على طريقته من العبادة والعفة؛ لم يشهر عنه في حداثة سنه ولا في كبره أنه تعاطى مسكراً، ولا اكتشف حراماً قط، وأما حب الشباب فلعله كان لا يصدق أن أحداً يفعل ذلك لبعده عن معرفة هذا الفعل، وكان غالب أوقاته على طهارة كاملة، وكان متقشفاً في ملبسه ومركبه إلى الغاية، لم يلبس الأحمر من الألوان في عمره، ولم أراه منذ تسلطن أنه لبس كاملية بمقلب سمور غير مرة واحدة، وأما الركوب