حتى وصلوا بالقرب من منزلة السعيدية، وخرج الملك الناصر لقتالهم، فأشار عليهم قرا يوسف بأن قال: هذا سلطان وله دولة وسطوة، وأنتم شرذة قليلة، وما تطيقون قتاله، وإن كان ولا بد فبيتوه ليلاً، فقبلوا قوله، وركبوا ليلة الخميس ثالث عشر ذي الحجة سنة سبع وثمانمائة، وكبسوا الملك الناصر بمنزله السعيدية، وتقاتلا، واستمر القتال بينهم إلى قريب الفجر، وإنهزم الملك الناصر وعاد إلى الديار المصرية على النجب، وأصبح جكم ورفقته متوجهين نحو الديار المصرية حتى نزلوا بالريدانية، خارج القاهرة، وقتل من أصحاب السلطان الأمير صرق، قتله شيخ المحمودي صبراً، فإنه كان ولي نيابة الشام عوضه.
واستمروا بالريدانية إلى يوم الإثنين سابع عشر ذي الحجة ركبوا حتى وصلوا قريباً من دار الضيافة من تحت القلعة، فقاتلهم المماليك السلطانية من بكرة النهار إلى بعد الظهر، وفر من الشامبين جماعة إلى الملك الناصر وهم: أسنباى أمير ميسرة دمشق، ويلبغا الناصري، وسودون اليوسفي، وإينال حطب، وجمق، فضعف أمر الشاميين، وأطلقوا الخليفة والقضاة وغيرهم، ممن كان مقبوضاً عليه عندهم، وركب الأمير يشبك وقطلوبغا الكركى وتمراز الناصري وجاركس القاسمي المصارع، واختفوا بالقاهرة، فعند ذلك ولى من بقي منهم إلى جهة الشام وهم: جكم وشيخ وقرا يوسف في طائفة يسيرة، وبلغ ذلك الملك الناصر، فأخلع على الأمير نوروز الحافظي بنيابة دمشق، عوضاً عن شيخ المحمودي، وأرسل إلى