قضاءها بعد قاضي القضاة صدر الدين سليمان في سنة سبع وسبعين وستمائة. فامتدت أيامه إلى أن تسلطن الملك المنصور حسام الدين لاجين. طلبه إلى الديار المصرية، وولاه قضاءها، وتولى ابنه جلال الدين مكانه في قضاء دمشق، وذلك في سنة ست وتسعين وستمائة. فباشر قضاء الديار المصرية بعفة وحرمة، وحمدت سيرته، وعلا قدرهُ، ونالته السعادة إلى أن قتل الملك المنصور لاجين عزل عن قضاء مصر، وعاد إلى دمشق قاضياً بها، وعزل ولده جلال الدين، فباشر قضاء دمشق ثانياً، وأكب على الاشتغال والأشغال.
وكان بارعاً، عالماً، مفنناً، مجموع الفضائل، كثير المكارم، وافر الحرمة متودداً للناس، وفيه خير، ومروءة، ودين، وحشمة، وله نظم، ونثر، ومعرفة تامة بالطب. ودام على ذلك إلى أن شهد المصاف في سنة تسع وتسعين وستمائة، فكان ذلك آخر العهد به.
وقيل إنه لم يقتل في تلك الغزوة، وإنما أسر، وبيع للفرنج، وأدخل إلى