قلت: وكان له همة عالية، ومعرفة تامة، وله مآثر بمكة المشرفة، وعمر بها أماكن، واسمه مكتوب في الجانب الشرقي، وعمل في زمانه باب الكعبة الذي هو بابها الآن، وكسا الكعبة الكسوة التي هي اليوم في باطنها، وأشياء غير ذلك.
وكان كثير البر لأهل مكة إلى أن بلغه ما وقع لعسكره الذي كان بمكة ومقدمه الأمير قندش، وابن قرا سنقر من القتل والنهب وإخراجهما من مكة على أقبح وجه في آخر سنة إحدى وستين وسبعمائة. غضب على أهل الحجاز، وأمر بتجهيز عسكر كبير إلى الحجاز للانتقام من أهله، وعزم على أن ينزعها من أيدي الأشراف إلى الأبد، وكان يتم له ذلك بسرعة وسهولة، وفبينا هو في ذلك إذ وقع بينه وبين مملوكه يلبغا العمري الخاصكي الوقعة التي قتل فيها. وهو أن السلطان حسن كان قد خرج من القاهرة للصيد بكوم برا - وهي بليدة من قرى القاهرة - وكان قد تغير خاطره على مملوكه يلبغا المذكور، لكلام بلغه عنه؛ فركب في نفر قليل على أنه يكبس يلبغا في منزله.
وكان عند يلبغا خبرٌ من ذلك بطريق الدسيسة؛ فخرج يلبغا للقاء السلطان بجماعته وهم مستعدون للحرب؛ فلم يقدر السلطان حسن عليه، وهرب في جماعة يسيرة، وعدى النيل من وقته في ليلة الأربعاء تاسع جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وسبعمائة؛ فتبعه يلبغا، وحصل بينه وبين ابن المحسني وقشتمر المنصوري وقعة