النصارى، يقال له جرجس، فأظهر الإسلام، وتسمى عبد الرحمن، وباشر عدة جهات بالكرك ودمشق والقاهرة، آخرها نظر الدولة. وخدم ابنه داود هذا في الجيزة، ثم لحق بالشام، وباشر نظر جيش طرابلس، واتصل بخدمة شيخ المحمودي هو وأخوه صلاح الدين، فولاه جيش دمشق، وجعل أخاه صلاح الدين خليل في ديوانه، فقبض عليهما في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، وحملا إلى القاهرة على حمارين في أسوأ حال، ثم أفرج عنهما، ففرا إلى دمشق. وما زالا في خدمة شيخ حتى قدم بهما إلى مصر وتسلطن؛ فولي داود هذا نظر الجيش، عوضاً عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله، بحكم انتقاله إلى نظر الخاص، عوضاً عن تقي الدين عبد الوهاب بن أبي شاكر، وذلك في يوم السبت ثامن جمادى الأولى سنة ست عشرة وثمانمائة، ثم ولاه ططر كتابة السر عوضاً عن القاضي كمال الدين محمد بن البارزي. واستقر كمال الدين في نظر الجيش عوضه وذلك في يوم الخميس سادس عشرين المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة.
وكانت تؤثر عنه فضائل منها: أنه ملازم الصلاة، وصيام الأيام البيض من كل شهر، ويتنزه عن القاذورات المحرمة، كالخمر، واللواط، والزنا، ويتصدق كل يوم على الفقراء، إلا أنه كان متعاظماً، صاحب حجاب وأعجاب، مع بعدٍ عن جميع العلوم، وضبطت عليه ألفاظ سخر الناس منها زماناً وهم يتناقلونها.
وكان مهاباً إلى الغاية متمكناً في الدولة، موثوقاً به فيها، بحيث أنه مات ولا أحد أعلى رتبةً منه. وتولى مكانه جمال الدين يوسف بن الصفي الكركي.