فلما وقف الخليفة عليها أعجبته كثيراً، فاستدعاه سراً، بعد شطرٍ من الليل؛ فدخل من باب السر إلى إيوان فيه ستر مضروب؛ فقبَّل الأرض؛ فأُمر بالجلوس، وجعل الخليفة يحدثه ويؤنسه. ثم أمر الخدام فرفعوا الستر؛ فقبَّل الأرض، ثم قبل يده، ثم أمره بالجلوس؛ فجلس وجاراه في أنواع من العلوم وأساليب الشعر، ثم أخرجه ليلاً، وأخلع عليه خلعة سنية، وعمامة مذهبة سوداء وجبة سوداء مذهبة.
وخلع على أصحابه ومماليكه خلعاً جليلة، وأعطاه مالاً جزيلاً، وبعث في خدمته رسولاً مشربشاً من أكابر خواصه إلى الملك الكامل يشفع في الناصر المذكور، وفي إخلاص النية له، وإبقاء مملكته عليه.
وخرج الملك الكامل إلى تلقيهما إلى القصير، وأقبل على الناصر إقبالاً كبيراً وجعل الناصر رنكه أسوداً، انتماءً للخليفة.
وكان الخليفة زاد في ألقابه: الولي المهاجر، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة.
واستمر الناصر على ذلك إلى أن وقع بين الملك الكامل محمد وبين الملك الأشرف موسى، وأراد كل منهما أن يكون الناصر هذا معه؛ فمال إلى الكامل