للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكي أنه لما وقعت المباينة بين الملك الكامل وبين أخيه الملك الأشرف، وعزما على القتال، وانضم إلى الملك الأشرف جميع ملوك الشام؛ وسير الملك الأشرف إلى الملك الناصر هذا يدعوه إلى موافقته، على أن يحضر إليه ليزوجه بابنته، ويجعله ولي عهده، ويملِّكه البلاد بعده. ثم بعث الملك الكامل أيضاً إلى الناصر هذا يدعوه إلى موافقته وأنه يحدد عقده على ابنته، ويفعل معه كل ما يختار، وتوافى الرسولان عند الناصر المذكور بالكرك، فرجَّح الميل إلى الكامل، ورشح رسول الأشرف بجواب إقناعي. ويقال إنه إنما فعل ذلك؛ إلا ليُعَرِّفْ الكامل بما وقع، واستنشد الملك الناصر صاحب الترجمة في جواب الكامل بقول المتنبي:

وما شئت إلا أن أدلَّ عواذلي ... على أن رأيي في هواك صوابُ

ويعلم قوم خالفوني وشرقوا ... وغربت أني قد ظفرت وخابوا

واتفق أن الأشرف توفي عقيب ذلك، وندم الناصر هذا عن تخلفه عنه.

ثم مات الكامل، ولم يحصل للناصر أيضاً منه أرب.

قلت: كان الناصر غير مسعود في حركاته وأموره، وقضى عمره على أقبح حال، فإنه كان غالب أيامه في الغربة عن أوطانه والشتات عن بلاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>