فلما رأى المؤيد حضور دمرداش إلى القاهرة، وعود سيدي الكبير من نيابة دمشق، وهو أيضاً بالقاهرة، أرسل بجماعة من الأمراء من يومه إلى الشرقية على أنهم يكبسوا العرب، وندبهم في الباطن للقبض على تغري بردى سيدي الصغير بالصالحية.
ثم أرسل خلف دمرداش هذا وخلف ابن أخيه قرقماس سيدي الكبير - المتولي نيابة دمشق، عوضاً عن الأمير نوروز الحافظي - إلى القلعة، وقبض عليهما في ليلة السبت ثامن شهر رمضان سنة ست عشرة وثمانمائة، وحملا إلى حبس الإسكندرية.
ثم حضرت الأمراء من الصالحية، ومعهم سيدي الصغير في الحديد؛ فحبس بقلعة الجبل إلى أن قتل في أول شوال. ثم قتل سيدي الكبير قرقماس بثغر الإسكندرية في السنة المذكورة أيضاً.
ودام دمرداش هذا في حبس الإسكندرية إلى سنة ثمان عشرة وثمانمائة، أرسل المؤيد بقتله؛ فقتل في يوم السبت ثامن عشر المحرم من السنة، وله نحو خمسين سنة.
وكان أميراً كبيراً، شجاعاً، مقداماً، عارفاً، جواداً كريماً، باشر الحروب وحضر الوقائع، وتنقل في عدة ولايات وأعمال جليلة، إلا أنه كان قليل السعادة في حركاته، مع معرفة تامة، وخديعة، ومكر، ودهاء. وكان يعظم العلماء، ويحب أهل الصلاح.