وعما يقوله العوام وتستفيض فيه الرعية، ومن لعله وقع في تلك الليلة بحرمة، فلهذا كان المذكور يخشى وتقبل شفاعته، فيحكى كل ذلك للسلطان من غير أن يفهم عنه أحد فلذلك طالت مدته ودامت سعادته، وكان النشو يحرص على رميه من عين السلطان بكل طريق، ورماه بكل قبيح، فلم يؤثر ذلك عند السلطان، بل ربما زادت رتبته بذلك، ومع ذلك كله، من إفراط العلو وقربه عند الملك، كان لا يتكبر، ولا يرى نفسه إلا كأحد الأطباء، ويوقر الجماعة رفقته، ويجل أقدار ذوي السن منهم، ويخاطبهم بالأدب مع أنه وصل موصلا لم ينله رئيس ولا نديم.
وكان له الفضيلة الوافرة في الطب علما وعملا، والخوض في الحكميات، والمشاركة في الهيئة والنجامة، وكان لا يعود مريضا إلا من ذوي السلطان، ولا يأتيه في الغالب إلا مرة واحدة، ثم يقرر عنده طبيبا يواظبه ويأتيه بأخباره.
قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: وسألته يوما عن السلطان وقد تغير مزاجه، فقال لي: والله ما تقدر نصف له إلا ما يبدأ هو بذكره، ونلاطفه