كان فاضلاً نبيلاً، وسمع من الشيخ تقي الدين بن الصلاحي، والشرف المريني، ولم يحدث، وتعانى الكتابة، وتولى نظر الديوان الكبير، وكان من رؤساء دمشق المعدودين، الموصوفين بالكرم والحشمة والسؤدد والإحسان. ولما استولى التتار نوبة غازان على دمشق ألزموه بوزارتهم، والسعي في تحصيل الأموال، فدخل في ذلك مكرها، وكان قليل الأذى، فلما أقلعهم الله تعالى، مرض هو، ومات بعد قليل في سنة تسع وتسعين وستمائة. ومشى الأعيان في جنازته إلى باب البريد، فجاء مرسوم الأمير علم الدين أرجواش فردهم، ونهاهم عن حضور الجنازة، وضربوا الناس، ولما وصلت الجنازة إلى باب القلعة، أذن لولده شرف الدين في اتباعها.
قلت: هذا يدل على أن صاحب الترجمة لما توزر للتتار مشى في نفعهم وضر المسلمين، وإلا فما وجه منع الناس من الصلاة عليه والمشي في جنازته إلا لأمر حدث منه في الدين، والله أعلم، عفا الله عنه.