وصار للناس فيه اعتقاد، وقصد للزيارة. وتزوج ورزق الأولاد، وكان شديداً في أمر الله، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان عنده إقدام وجرأة على أكابر أهل الدولة. وكان لا يتنمق في كلامه معهم، بل يعلى صوته ويتكلم بما شاء، من غير مراعاة الحشمة على طريقة أهل البلاد، وكان عنده خفة وطيش مع بله وسلامة باطن. وكان إذا سمع أن بمكان منكراً جمع فقراءه وتوجه إليه بالسلاح والمطارق، ويدخل من غير إذن هجماً ويكسر ما وجده من الخمور، وإن منعه أحدهم قاتلهم بمن معه. وكان أمره معهم كما قيل: الحرب سجال يوم لك ويوم عليك، ومع هذا كان لا ينتهي عن ذلك مدة حياته.
وكانت له مكانة عند الملك الأشرف برسباي، وكان الملك الأشرف إذا رآه مقبلاً يضحك حتى يقرب منه، يرحب به، ويقضي حاجته، ويجلسه بجانبه، ويصغي لكلامه حتى ينتهي كلامه. فكان يحدثه الشيخ سليم كما يتحدث مع غيره من الفلاحين، من ذلك أنه سأله مرة في حاجة، فقال له الأشرف: نعم. فقال له سليم: لا تكذب علي. فضحك الأشرف، وقال ثانياً: ما أكذب عليك.
وكان لكلامه تأثير في القلوب، وجلس مرة في الجامع الأزهر وسب بعض أعيان الدولة جهاراً، وكان بجانبه بعض أصحابه من الفقراء، فأراد أن يرجعه