ثم خطب بدمشق للملك الظاهر بيبرس، وبعد للملك المجاهد سنجر هذا، وذلك في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وستمائة. ثم كاتب سنجر صاحب حماة ليحلف له، فامتنع، وقال أنا مع صاحب مصر. ثم إن الملك الظاهر بيبرس كاتب أمراء دمشق يستميلهم إليه، ويأمرهم بالقبض على سنجر المذكور، فأجابوه، وخرجوا عن دمشق مناوئين لسنجر، وفيهم الأمير علاء الدين البندقداري أستاذ الملك الظاهر بيبرس أولاً، وغيره من الأمراء والجند. فخرج إليهم الأمير سنجر فحاربوه وهزموه، وألجأوه إلى قلعة دمشق، فأغلقها دونهم، وذلك في يوم السبت حادي عشر صفر سنة تسع وخمسين وستمائة، ثم خرج من القلعة في الليلة المذكورة من باب سر قريب من باب توما، وقصد بعلبك، فدخلها ومعه نحو عشرين نفراً من مماليكه، ودخل علاء الدين البندقداري دمشق واستولى عليها، وحكم فيها نيابة عن مملوكه الملك الظاهر بيبرس.
واستمر سنجر المذكور بقلعة بعلبك، إلى أن جاءه الأمير طيبرس الوزيري، فأمسكه وقيده أرسله إلى الملك الظاهر بيبرس.. فلما وصل إلى القاهرة، وأدخل إلى الملك الظاهر بيبرس ليلاً، قام إليه واعتنقه عتاباً هيناً وأمر له بخيل وقماش، وغير ذلك، وخلع عليه وأمره بالقاهرة.