ولما تسلطن قلاوون تقدم سنجر المذكور عنده، وجعله شاد الدواوين، ثم ولاه الوزارة بالديار المصرية، ثم ولاه نيابة دمشق، ولما ولى نيابة دمشق تلطف بأهلها وقلل شره، واستمر فيها سنين، ثم عزل بعز الدين الحموي.
وكان يركب ويعرض بهيئة لا تنبغي إلا لسلطان، وكان له ميل إلى الدين، وتعظيم الإسلام. وهو الذي كان مشداً على عمارة البيمارستان المنصوري ببين القصرين من القاهرة، فتممة في مدة يسيرة، ونهض بهذا العمل العظيم، وفرغ منه في أيام قلائل. وكان يستعمل الصناع والفعول بالبندق، حتى لا يفوته من هو بعيد عنه في أعلى سقالة أو غيرها، ويقال إن بعض الفعول وقع يوماً من أعلى السقالة بجنبه فمات، فما اكترث سنجر له، ولا تغير من مكانه، وأمر بدفنه.
ولما كمل عمارة الجميع امتدحه معين الدين بن تولو بقصيدة أولها:
أنشأت مدرسة ومارستانا ... لتصحيح الأديان والأبدان
ثم عمل الوزارة في أول الدولة الناصرية محمد بن قلاوون أكثر من شهر، وحدثته نفسه بما فوق الوزارة، فعصى ووقع له أمور، وانحاز في القلعة إلى أن عجز وطلب الأمان في الرابع والعشرين من صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة فلم يعطوه أماناً، وطلع إليه بعض الأمراء وقال له: السلطان الملك