لحصار صهيون وانتزاعها من يد الأمير سنقر الأشقر، فلما وصل طرنطاي إلى دمشق استصحب معه الأمير حسام الدين لاجين نائب دمشق بعسكر دمشق.
وتوجهوا الجميع حتى نزلوا على صهيون في المحرم، وكان سنقر استعد لقتالهم، فتقاتلوا مدة. وأخذت برزية من سنقر الأشقر، فلما بلغه أخذها منه خارت قواه، ولان لتسليم صهيون على شروط اشترطها. فأجابه طرنطاي إلى ذلك، وحلف له، ونزل من قلعة صهيون بعد حصرها شهراً واحداً، وكان نزوله منها في شهر ربيع الأول من سنة ست وثمانين وستمائة. وتوجه سنقر الأشقر صحبة طرنطاي إلى الديار المصرية، فوفى له طرنطاي بجميع ما وعده، ولم يزل يذب عنه أيام حياته، وسعى له طرنطاي حتى أنعم عليه الملك المنصور قلاوون بإمرة مائة وتقدمه ألف بالديار المصرية. وبقي وافر الحرمة إلى أن توفي الملك المنصور قلاوون وتسلطن من بعده ولده الملك الأشرف خليل. استقر سنقر الأشقر في خدمته أيضاً، وتوجه معه إلى فتح قلعة الروم، فلما عاد الأشرف من فتح قلعة الروم إلى دمشق في سنة إحدى وتسعين وستمائة، أمسك سنقر الأشقر وجهزه إلى الديار المصرية، وتوجه الأشرف بعده إلى القاهرة، وقتله في سنة اثنتين وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى.