واستمر الحال على ذلك إلى صفر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. مال الأمير يلبغا الناصري إلى العصيان على الملك الظاهر برقوق، وأرسل إلى تمربغا الأفضلي المدعو منطاش نائب ملطية يعرفه بذلك، وكان منطاش قد عصى من العام الماضي. ثم أخذ الناصري يكاتب برقوق بأنه طائع السلطنة، وأن الأمير سودون المظفري يحصل منه أمور قبيحة في حقه، فأرسل الملك الظاهر السيفي ملكتمر الدوادار إلى حلب، وعلى يده مثالان ليلبغا الناصري ولسودون المظفري هذا، أن يصطلحا بحضرة القضاة والأمراء، وسير الملك الظاهر مع ملكتمر المذكور في الباطن عدة مطالعات لسودون المظفري وغيره من امراء حلب بالقبض على الناصري، وبقتله أن امتنع من الصلح. وكان مملوك الناصري قد تأخر بالقاهرة ليفرق كتباً من أستاذه يلبغا الناصري على الأمراء، يدعوهم لموافقته، وأخر السلطان جوابه حتى يسبقه ملكتمر الدوادار، فبلغ مملوك الناصري ما على يد ملكتمر من القبض على أستاذه، فأخذ الجواب وسار، وجد في السير حتى دخل حلب قبل ملكتمر، وأخبر الناصري بالحال كله.
ويقال إن ملكتمر الدوادوار كان بينه وبين الشيخ حسن رأس نوبة الناصري مصاهرة، فلما قرب من حلب بعث يخبره بما أتى فيه. وأظن الأول أقرب.