رفد الأمير سودون طاز هذا غير مرة. قلت: وهذا مشهور عنه عند كل أحد، ولولا كرمه الزائد ما كان لما أراد الخروج إلى البلاد الشامية خرج معه من المماليك السلطانية نحو الألف مملوك، وصاروا له طوعاً فيما يريده ويأمر به، وأقاموا عنده بسرياقوس خارج القاهرة نحو الشهر إلى أن انتهى أمره على ما نحكيه.
قلت: واستمر سودون طاز هذا على ما هو عليه من الحرمة والعظمة إلى أن وقع بينه وبين الأمير يشبك الشعباني الدوادار. وهو أن يشبك أراد القبض عليه ففطن هو لذلك، فأخذ خيول السلطان من الإسطبل السلطاني وتوجه إلى عند جكم من عوض ببركة الحبش، فعظم أمر جكم به، واتفقا على قتال يشبك، ومشى الناس بين الفريقين بالصلح، فامتنع كل من الفريقين إلا القتال، فانتصر جكم وسودون طاز هذا على يشبك وأصحابه، وقبضا عليهم، وحبسوا بثغر الإسكندرية، وتولى جكم الدوادارية من بعد يشبك، كل ذلك بسفارة سودون طاز هذا وحاشيته.
وصارا هما أصحاب العقد والحل في المملكة إلى سنة أربع وثمانمائة، وقع الكلام بين سودون طاز وبين جكم من عوض المذكور وبين نوروز الحافظي