طريقة مفردة، وهو أنه صار يأمر مماليكه بأن يركبوا في خدمته أيام المواكب إلى أن يصل إلى باب داره يقفون على الباب يميناً وشمالاً على خيولهم، ولا ينزل منهم أحد من فرسه، فيسلم عليهم ويدخل إلى منزله وحده، وينزل عن فرسه، ويتقدم بابا له يتعاطى خدمته كعادة الخاصكية، ولم يكن له جمدار ولا سلاح دار، ولا يمد سماطاً في بيته لمماليكه، بل يأتيه ما يأكله هو وحده بمفرده، فإنه كان رتب لكل واحد من مماليكه لكل واحد ثلاثة أرطال من اللحم الضأن، فكلمة بعض الناس في ذلك، فقال: هذا أنفع في حقهم وأقل حرمة، فإن الواحد منهم يكون متزوجاً فيأكل هو وزوجته راتبه ويكفيه ذلك، بخلاف ما إذا عملت سماطاً فإنه أوفر في حقي وأقل كلفة، لكن ينوب المملوك ما يأكله ثم يحتاج إلى كلفه ثانية لبيته، ثم جمع مماليكه وسألهم أن يعمل سماطاً ويقطع رواتبهم، فأبوا وقالوا: نحن راضون بما نحن فيه.
وكان بخدمته نيف على مائة وخمسين مملوكاً خلاف الكتابية، وكان ينفق عليهم جوامكهم في أول كل شهر من حاصله، وكذلك عليقهم ولحمهم، ولا يركبون في خدمته سوى أيام المواكب لا غير، وكان له ثروة زائدة، ومال جزيل، وسلاح عظيم، وبرك هائل، وكان لا يظهر ذلك عنه إلا إذا توجه إلى تجريدة من التجاريد فيخرج من القاهرة بأبهة وعظمة.