بدمه. ووقعت الضجة بالقصر السلطاني ساعة، ثم سكنت عندما رأى أصحاب طرباي أن الأمر فاتهم، وتكسر بعض صيني. ثم أخرج من الغد، يوم الجمعة خامس شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وثمانمائة، إلى الإسكندرية فحبس بها. وخلا الجو للأمير برسباي، فتسلطن، ولقب بالملك الأشرف.
واستمر طرباي في السجن مدة طويلة، إلى أن أطلقه الملك الأشرف برسباي وأرسله إلى القدس بطالاً، فأقام بالقدس مدة يسيرة. وولاه نيابة طرابلس، بعد عزل الأمير جرباش الكريمي المعروف بقاشوق عنها، في جمادي الآخرة سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، فتوجه طرباي إلى طرابلس، وباشر نيابتها مدة طويلة. وقدم القاهرة، فأكرمه الملك الأشرف وأجل مقدمه، وأخلع عليه باستقراره في نيابة طرابلس.
ومن جملة إكرامه له مما شاهدته، وهو أنه لما خلع عليه خلعة السفر، وقبل طرباي الأرض، وأراد أن يمشي إلى الأشرف، قام الأشرف عن المدورة، ومشى خارج القصر حتى لا يلقاه جالساً، وعانقه. فأهوى طرباي ليقبل رجله، فمنعه من ذلك، وصار يحادثه حتى افترقا. ولم يلتقيا بعد ذلك، حتى خرج الملك الأشرف إلى البلاد الشامية، وتوجه إلى آمد، في سنة ست وثلاثين وحصرها، ثم عاد نحو الديار المصرية، وأخلع على طرباي باستمراره في نيابة طرابلس على عادته.