ثم طلب إلى الديار المصرية فتوجه إليها، وولي نيابة السلطنة بها في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة. فاستمر في النيابة خمسة وثلاثين يوماًن وقبض عليه في يوم السبت عشرين ذي القعدة من السنة. ولما توجه الملك الناصر أحمد بن الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى الكرك، أخذه معه في محفة لعجزه عن الركوب وهو مقيد، فكان ذلك آخر العهد به.
قال ابن حبيب في تاريخه: كان وافر الحرمة، ظاهر الحشمة، عزيز الهمة عوناً عند المسألة. جزيل الأموال، كثير الجود والأفضال. كبيراً في الدولة، معروفاً بالسطوة والصولة. مهيب المنظر، ملقباً بالحمص الأخضر. ذا نفس قوية، وكف سخية. يعطف على السائلين، ويحسن إلى الفقراء والمساكين. ولي نيابة السلطنة بصفد وبحلب والديار المصرية، واستمر إلى أن رحل مع الناصر أحمد إلى الكرك، وبسيفه أدركته المنية.
وفيه يقول صلاح الدين أبو الصفا خليل الصفدي:
طوى الردى طشتمرا بعدما ... بالغ في دفع الأذى واحترس
عهدي به كان شديد القوى ... أشجع من يركب ظهر الفرس
ألم تقولوا حمصا أخضرا ... فاعجب له ما صاح كيف اندرس