كثير الاجتماع بالعلماء والفضلاء، حريصاً على تلاوة القرآن، وكان له ميل إلى مذاكرة الشعر وغيره، وكان يسمع الألحان ويطرب. وكانت الأيام به في غاية الحسن، وأحوال الناس على السداد، وأمور الناس ساكنة لحسن تدبيره، وعدم طعمه، وجودة تنفيذه في تصرفات الدولة. ولم يزل أمر الناس مستقيماً، حتى قبض عليه، وصار الأمير لبرقوق وبركة، وفعلا في المملكة ما الناس في شره إلى يومنا هذا. ثم استقل برقوق بالأمر، وقلب ترتيب المملكة ظهر البطن، هو ومن جاء من بعده إلى يومنا هذا، من تقديمه لأبناء جنسه دون غيرهم، وإعطائه الإقطاعات الهائلة إلى أقاربه الأجلاب الصغار، وتوليته إياهم الوظائف السنية، وهذا هو أكبر الأسباب لاضمحلال المملكة. وأي أمر أعظم من تقديم الأصاغر على الأكابر، وهذا بخلاف المتقدمين من الملوك، لأنهم كانوا لا يعرفون جنساً بعينه، وحيثما وجدوا في شخص نجابة أو شجاعة قدموه وقربوه وأدنوه، فكان لا يلي وظيفة إلا من يستحقها. انتهى.