وكان طغاي يعرف بطغاي الكبير، وكان له مهابة في قلوب الخاصكية وكان الملك الناصر لما يكون يمزح مع مماليكه وهم معه في بسط وانشراح حتى يقال جاء طغاي، فحينئذ ينجمع السلطان ويحتشم، وتقف الناس في مراتبهم.
وكان طغاي يضع يده في حياصة الأمير ويخرج به من بين يدي السلطان ويضربه مائتي عصى أو أكثر، والسلطان يسمع ضربه وما ينكر من ذلك شيئاً.
ولما مرض السلطان تلك المرضة التي أشفى فيها على الموت طلب كل واحد من المقربين إليه من الخاصكية، وقال له فيما بينه وبينه: يكون نظرك على أولادي وحريمي ومماليكي، فأنت الذي يتم الأمر من بعدي، فكم منهم تنصل وبكى، وقال هذا الأمر ما يكون أبداً، ولا أوافق عليه أبدا، والله تعالى يجعلنا كلنا فداء مولانا السلطان، ولم ير من أحد منهم إقبالاً على ما أشار عليه، فلما قال مثل ذلك لطغاي رأى منه إقبالاً، وشم من أنفاسه الميل إلى الملك، وتوقع السلطنة، فأكمن له ذلك في باطنه، وحلق السلطان شعره في تلك المرضة، فحلق الخاصكية كلهم شعورهم، واستمر ذلك سنة إلى اليوم، إلا طغاي فإنه لم