ثم اشتغل على القونوي في العربية أيضاً والفقه، وعلى القزويني، وولي عنه الحكم، وأخذ القراءات السبع عن الشيخ تقي الدين بن الصايغ، وأخذ عن القونوي أيضاً الأصول والخلاف والمنطق، وسمع من التحصيل جملة كبيرة، وقرأ عليه تلخيص المفتاح في المعاني والبيان، ولازم الشيخ زين الدين مدة، ثم ولي قضاء القضاة بالديار المصرية في يوم الخميس ثامن جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وسبعمائة، عوضاً عن العز بن جماعة، وسبب ذلك أن الشيخ بهاء الدين هذا كان يلي الحكم نيابة عن ابن جماعة مدة ثم عزله ابن جماعة بما وقع منه في حق القاضي موفق الدين الحنبلي في جمع حضره أعيان العلماء، فجرى البحث بين موفق الدين المذكور وبين بهاء الدين هذا حتى أدى إلى الإساءة، فند ذلك غضب عز الدين بن جماعة لرفيقه وعزل الشيخ بهاء الدين، وذلك في صفر سنة أربع وأربعين وسبعمائة.
وكان الشيخ بهاء الدين إماماً، عالماً بالفقه والعربية والمعاني والبيان والتفسير والأصول، قارئاً بالسبع، حسن الخط، إلا أنه كان قوي النفس، فلذلك جرى منه في حق موفق الدين ما ذكرناه، فلما عزل بهاء الدين فغضب له الأمير صرغتمش وولاه القضاء وعزل ابن جماعة، فباشر الشيخ بهاء الدين القضاء نحو ثمانين يوماً وعزل، وأعيد ابن جماعة، وذلك بعد أن أمسك الأمير صرغتمش.
قال الأسنوي في طبقاته: وطرأت في تلك الأيام اللطيفة أمور غريبة علم الناس فيها مقدار الرجلين، ثم قل: وكان الشيخ بهاء الدين حاد المزاج والخلق