جيد القصور، حافظاً، فصيحاً، بليغاً، جهوري الصوت، مليح الشكل، للطول أقرب، أبيض مشرباً بحمرة، صغير اللحية مدورها، منور الشيبة جميلاً، وسيماً ديناً، عفيفاً عماً يرمي به قضاة السوء.
وأنا أعرف بأموره من غيري فإنه كان تأهل بكريمتي، وما نشأت إلا عنده، وقرأت عليه غالب القرآن الكريم، وهو أنه لما كان يتوجه إلى منزه يأخذني صحبته إلى حيث سار، فإذا أقمنا بالمكان المذكور يطلبني ويقول لي: اقرأ الماضي من محفوظك، فأقرأ عليه ما شاء الله أن أقرأه، ثم يقول لي بعد الفراغ: الذي فاتك اليوم من الكتاب أخذته من درس الماضي.
وكان رحمه الله مهاباً، جليلاً، معظماً عند السلاطين والملوك، حلو المحاضرة، رقيق القلب، سريع الدمعة، وكان عنده بادرة وحدة مزاج إلا أنها كانت تزول بسرعة، ويأتي بعد ذلك من محاسنه ما ينسي معه كل شيء.
قال الشيخ تقي الدين أحمد المقريزي: وفيها - يعني سنة أربع وعشرين وثمانمائة - توفي قاضي القضاة جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن