وعن تقي الدين ابن عرام، وجلس مع الشهود، ووقع للقضاة زماناً، وبرع في الفقه والأصول، وشارك في الحديث والنحو وغيرهما، مع الخير والديانة، ثم ناب في الحكم بالثغر مدة إلى أن قدم إلى القاهرة وولي قضاء القضاة المالكية بها في جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، عوضاً عن قاضي القضاة علم الدين سليمان ابن خالد البساطي بعد عزله، وحمدت سيرته لحزمه في أموره كلها ولعفته حتى إنه لم يقبل لأحد هدية منذ ولي القضاء، وصار يتشدد في ذلك إلى الغاية، ويتحرى في أمر الشهود والسجلات لمعرفته بالشروط والصناعة، واستمر على ذلك حتى وقع بين العلامة أكمل الدين شيخ خانقاه شيخون وبين الشيخ شمس الدين الركراكي مدرس المالكية بالشيخونية، وعزله الشيخ أكمل الدين عن التدريس، فشق ذلك على الملك الظاهر برقوق ولم يسعه مخالفة الشيخ أكمل الدين بعد أن بعث الظاهر إلى الشيخ أكل الدين بإعادته فلم يوافق أكمل الدين وثم الركراكي معزولاً، وبلغ الخبر قاضي القضاة جمال الدين هذا فكتب قصة وبعث بها إلى السلطان يسأله فيها تقريره في التدريس المذكور الشاغر عن الركراكي بالشيخونية، فغضب الملك الظاهر من ذلك وعزله في الحال بقاضي القضاة أبي زيد بن خلدون في ويوم السبت سابع عشر جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وسبعمائة، ثم أعيد بعد ابن خلدون مرة ثانية في يوم السبت